وصفيرُ الرِّيحِ يغتال طموح القافلَهْ
وهجومُ اللَّيلِ يُخفي صورةً كانت أمامي ماثلهْ
وأنا أزدادُ خوفاً حينما أقرأ سِرَّ الخوْفِ..
في تلك العيونِ الذَّاهلهْ
وصدى صوتٍ ينادي:
(فاصلهْ)
ما الذي يجري هنا؟!
كيف استشاط الرُّملُ غيظاً..
وجرتْ هذي الخطوبُ الهائلهْ؟!
كيف ألقى السَّفْيُ دوني حاجبَ الرُّؤْيةِ..
واستنفر كُثْبان الرِّمال الغافلَهْ؟!
كيف؟
واستوقفني الصوتُ ينادي:
(فاصلَهْ)
صوتُ مَنْ هذا؟!
سؤالٌ ألْجَمَتْه الرِّيحُ بالصمتِ
وصدَّتْ سائلَهْ
ساعةٌ واحدةٌ، أصبح فيها الحالُ غيرَ الحالِ..
في هذا المكانْ
كلُّ شيءٍ صار شيئاً غيرَ ما كانَ، وكانْ
كلُّ (زَيْنٍ) ها هنا شانَ..
وبَعْضُ الشَّيْنِ زانْ
كلُّ ما كان هنا متَّزناً أصبح لا يعرف معنى الإتزانْ
ها هنا صار جباناً كلُّ من كانَ شجاعاً..
وشجاعاً ها هنا صار الجَبَانْ
تُونسُ الخضراء ما زالتْ هنا..
تبحث عن خُبْزٍ وماءٍ وأمانْ
وصدى الصوتِ ينادي!
(فاصلَهْ)
فاصلَهْ؟؟
وأنا أُبْصِرُ أَهدابَ العيونِ الدَّامعَهْ
وأرى قارعةً تتلو خُطاها قارعَهْ
حاجبُ الرُّؤْيةِ لم يحجبْ عن العينِ خيوطَ الفاجَعَهْ
وصفيرُ الرِّيح ما زال هنا..
يُوقِظُ آلاف العيونِ الهاجعَهْ
ها هنا اللَّيْلُ بهيمٌ..
غيرَ أنَّ الشمسَ في أُفْقِ يقيني ساطعَهْ
وصدى الصوت ينادي:
(فاصلهْ)
إنها حادثةٌ كُبرى تُسَمَّى نازلَهْ
إنَّها دوَّامةٌ عَجْلَى، وأحداثٌ كِبَارٌ عاجِلَهْ
خَالَطَ الحابلُ فيها نابِلَهْ
أيها الصوت المنادي:
(فاصلَهْ)
هذه تُونُسُ عنر (النَّاصيَهْ)
قَدَمٌ تَنْتَعِلُ الإصرارَ والعَزْمَ..
وأُخرى حافيَهْ
مقلةٌ تَسْتشْرفُ المستقبلَ الزَّاهي..
يَدُها اليُمْنى إلى الأغصانِ تَمْتَدُّ..
ويُسْراها تَصُدُّ اللَّيْلَ عنها والخطوبَ القاسيَهْ
هذه تُونُسُ لا تَخْشى من الشَّوْكِ
ولا توقفها تلك الصخور العاتيَهْ
(فاصلَهْ)
ها هنا استمتع موجُ البحر بالبحرِِ وأدْنَى ساحِلَهْ
واختفتْ تلك الصحاري القاحِلَهْ
واستعادَ الليلُ أضواءَ النجومِ الآفِلَهْ
ورأى المسجدُ آلافَ المصلِّينَ..
وأهدابَ الخشوعِ الهامِلَهْ
ها هنا هَبَّ نسيمٌ أَنْعشَ الرَّوْضَ..
وأحْيَا الزَّهراتِ الذَّابِلَهْ
ها هنا طَابَ لسمعي ذلك الصوتُ الذي كان ينادي:
(فاصلَهْ)
إيهِ يا تُونُسُ يا مَأْوَى الخيولِ الصاهِلَهْ
إنَّها فاصلةٌ ما بين عَهْدينِ..
الْإِهْدَاء : إلى المُرابِطِينَ في سبيلِ اللهِ في الأْقْصى وأَكْنافِ المسجِد الأقصى
وفي كلِّ بلدٍ مسلمٍ يواجه غطْرَسَةَ المُحتلِّين
نخرُجُ من أحضانِ المهْدْ
ندخلُ في أحضانِ اللَّحدْ
جِسراً للأُمَّةِ يَمْتَدّْ
لا ينكَسِرُ و لا ينْهَدّْ
نعبُرُ منه و لا نَرْتدّْ
ونُرَرِّدُها في إصرارْ
إنَّا باقونَ على العهْدْ
* * *
نخرجُ مِنْ أحضانِ المهْدْ
ندخُلُ في أحضانِ اللَّحْدْ
نرسُمُ خارِطَةَ الأمْجادْ
نُكْمِلُ ما بَدَأَ القُوَّادْ
سعدٌ ، خالدُ ، و المِقْدادْ
نكشِفُ تخطِيطَ المُوسادْ
وتآمُرَ كُلَّ الأوغادْ
ونُردِّدُها في إصرارْ
إنَّا باقونَ على العهْدْ
* * *
نخرُجُ منْ أحضانِ المهْدْ
ندْخُلُ في أحضانِ اللَّحدْ
نوقِظُ أجفانَ الغافينْ
ونَرُدُّ جفاءَ الجافينْ
ونصونُ مقامَ فلسطينْ
منْ أوْهَامِ المُغتَصِبينْ
و العُمَلاءِ المُنْغَمِسينْ
نمْضي في عزْمٍ ويقينْ
نحمِلُ عزْمَ صلاحِ الدِّينْ
و الأبطالِ الوثَّابينْ
كالرَّنتيسي و اليَاسينْ
ونُرَدِّدُها في إصرارْ
إنَّا باقونَ على العَهْدْ
نخْرُجُ منْ أحضانِ المَهْدْ
ندْخُلُ في أحْضانِ اللَّحْدْ
نُقْدِمُ إقْدَامَ الأبْطالْ
كالبُركانِ و كَالزِّلْزالْ
كالآسَادِ وكالأشْبَالْ
نحْمِي القُدْسَ منَ الأَنْذالْ
نحمِي الدِّينَ منَ الضُّلاَّلْ
نحْمي ذاكِرَةَ الأجْيَالْ
مِمَّا ينْشُرُهُ الدَّجالْ
نتلو الفتْحَ معَ الأَنْفالْ
لا يخْدَعُنا قيلَ وقالْ
ونُردِّدُها في إصرارْ
إنَّا باقونَ على العهْدْ
* * *
نخرُجُ من أحضانِ المَهْدْ
ندخُلُ في أحضانِ اللَّحْدْ
المَنْهَجُ منهَجُ قُرآنْ
و الهِمَّةُ هِمَّةُ فُرْسانْ
و الصَّوتُ الصَّدَّاحُ أذانْ
و القلْبُ النَّابِضُ بُستانْ
و الرِّحْلَةُ رِحْلَةُ إيْمَانْ
و القُدْسُ وغزَّةُ نَهْرانْ
ببُطُولتِنا فَيَّاضانْ
وفلسطينُ هي الميْدانْ
و الأقْصى أجْمَلُ عُنْوانْ
نحنُ هُنا نحْمي الأَوْطَانْ
و نُواجِهُ أعْتَى طُوفانْ
ونُردِّدُ أحْلَى الأَلْحانْ
لا تَطبيعَ و لا اسْتِيطانْ
لا اسْتِسلامَ و لا خُذْلانْ
فالغايةُ عَفْوُ الرَّحمن
و الفَوزُ بِحُورٍ وجِنَانْ
سنَظَلُّ هُنا في اطْمِئْنَانْ
ونُردِّدُها في إصْرارْ
إنَّا باقُونَ على العَهْدْ
* * *
نخرُجُ منْ أحضَانِ المَهدْ
ندخُلُ في أحضانِ اللَّحْدْ
نَحْبو نَمْشي نَحْوَ المَجْدْ
نغْرِسُ في الطُّرُقاتِ الوَرْدْ
نُنْجِزُ للأمْجَادِ الوَعْدْ
ونُرَدِّدُها في إصْرارْ
إنَّا باقونَ على العَهْدْ
إنَّا باقونَ على العَهْدْ